رائحة المسك فاحت من جسده
طارق فريد أبو جزر
مجاهد قسامي
2009-08-27
ابتسامة مرسومه على وجهه والرائحة العطرة تفوح من جسده
القسام ـ خاص:
ولست أبالي حين أقتل مسلما ........ على أي جنب كان في الله مصرعي
هل يموت الشهداء حينما توارى أجسادهم الثرى؟ أم يولدون من جديد عندما يموتون ؟ فهي عظمة الشهادة أن تهب روحك ونفسك وكل ما تملك للآخرين، وأن تجود بالغالي والنفيس من أجل الله وقضية عادلة، تلك هي معاني الإيثار والرجولة، وحب الله والوطن.
الميلاد والنشأة
في مطلع شهر أكتوبر من العام 1987 كان لمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة أن تحتفل بميلاد الطفل الرجل "طارق فريد أبو جزر" لأسرة فلسطينية متدينة لجئت إلى غزة بعد أن طردهم الصهاينة قصرا من أرضهم عام 1948 من بلدتهم الأصلية "السبع" حيث استقروا في مدينة خانيونس الصامدة ليتربا شهيدنا القسامي المجاهد على حب الدين، والتربية الإسلامية الصحيحة ويعود ذلك إلى البيئة الإسلامية التي نشأ بها في بيته المحافظ على التعاليم الشرعية للدين الإسلامي.
حياته الدراسية
فطن أبناء فلسطين قيمة العلم والتعلم منذ زمن بعيد ففزعوا إلى المدارس لأنها البيئة الخصبة التي يتلقون منها العلوم فالتحق الشهيد طارق أبو جزر في مدرسة مصطفى حافظ ليتلقى فيها تعليمه الأساسي ومن ثم انتقل إلى مدرسة أحمد عبد العزيز ليدرس فيها المرحلة الإعدادية ليدرس بعدها المرحلة الثانوية في مدرسة هارون الرشيد الفرع العلمي.
المرحلة الجامعية ونشاطه في صفوف الكتلة
أنهى شهيدنا القسامي المجاهد مرحلة الثانوية العامة مما أهله للالتحاق بكلية مجتمع الأقصى بتخصص إدارة أعمال حيث عرف عنه الجد والاجتهاد والعقل الفطن وكان له عدت نشاطات في صفوف الكتلة الإسلامية بكليته حيث كان لا يترك نشاطا إلا ويكون السباق في فعله وحضوره بل وكان يحث إخوانه على المشاركة فيه وكان يعتبر العمل في مثل هذا المجال تقرب إلى الله عز وجل.
أخلاقة وعلاقته بأهله
تميز شهيدنا طارق بأخلاقه الحميدة، وسلوكه الحسن وعرفه الجميع بنشاطه الدءوب وشخصيته المحبوبة ومعاملته الطيبة للجميع كما عرف بتعاونه ومساعدته لكل من أراد المساعدة وحبة لفعل الخير ومساعدة الآخرين، كما كان شهيدنا طارق صاحب القلب الرحيم والعقل المفكر، وكانت العلاقة الطيبة الحنونة هي التي تجمعه بوالديه وإخوانه ومعارفه فكان نعم الابن البار لوالديه ونعم الأخ الحنون العطوف ونعم الصديق الوفي المخلص لهم في كل المواقف والمحن فهؤلاء هم زينة شبابنا فإيمانهم وقربهم من خالقهم جعل منهم رجالا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
العمل الدعوي
العمل في كل اتجاه كانت تلك من المقولات التي لا تعطي لشهيدنا طارق حقه حيث كان من المجتهدين في حقل الدعوة إلى الله فهو ممن أسسوا مركز تحفيظ القران الكريم في مسجد عباد الرحمن وكان داعياً وناصحاً ومسانداً لجيرانه حيث كان يقف مع جيرانه في جميع المناسبات وكان له الدور البارز في النشاطات المسجدية حيث عمل في كل النشاطات بحيث لا يترك أي منها وكان له الدور البارز ولاسيما في مجال تحفيظ القران لأشبال المسجد ولتشجيع هؤلاء الحفظة كان يقوم بتكريمهم في الاحتفالات المختلفة وتوزيع الجوائز عليهم.
طارق ابن حماس
طارق عرف الحق فلزمه حيث كان للشهيد طارق أبو جزر دورا بارزا في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس وكان أحد فرسان وحدة العمل الجماهيري في منطقة عباد الرحمن ويقول أحد المقربين منه "لا زلنا نتذكر صوته الندي وهو يرفع في مسجد عباد الرحمن صوت الأذان ونعيه لشهداء القسام من هذا المنبر الإسلامي ومحفزاً لأبناء شعبنا على الصمود في وجه المحن" وكما كان شهيدنا طارق شغله من النشاط في بيوت عزاء الشهداء وكان لا يترك جنازة شهيد ولا مسيرة تدعو لها الحركة إلا كان من السباقين فيها ويقول أحد أقرانه أن الشهيد طارق كان يعاتب المقربين منه في تقصيرهم بالمشاركة في بيوت العزاء وكان دائما يقول مشاركتنا في بيت عزاء أي شهيد هو أقل القليل الذي يمكن أن نقدمه للشهيد".
المجاهد القسامي
ليس غريباً على شخص قضى حياته بين جنبات بيوت الله مقيماً للصلاة واعظاً للمؤمنين متيقن بنصر الله المبين أن يجند حياته في سبيل الله وخدمة لهذا الدين لينطلق بعدها بركب الصالحين وذلك عندما انضم إلى صفوف القساميين في الثالث والعشرين من شهر فبراير للعام 2005 بعد أن تم اختياره لفراسته وبسالته وجلده وإرادته وتصميمه على الانخراط في العمل الجهادي لرفع راية لا إله إلا الله في وجه المعتدين ليستمد منها كل معاني العزة والكرامة والمثابرة في الجهاد والمقاومة، وعندما وجد فيه إخوانه الجلد وقوت التحمل تم تزكيته ليكون أحد فرسان وحدة المدفعية القسامية حيث تشهد له المناطق الحدودية بإمطار العدو بالصواريخ لتملأ قلوبهم بالفزع والرعب والخوف بعد أن تنال من طغيانهم إلى أن تم اختيار شهيدنا طارق بعد ذلك لتجهيز عناصر القسام وتدريبهم عسكرياً ضمن دورات تدريبية في وحدة المدفعية، وفي نفس الوقت كانت روح الفكاهة جزءً لا يتجزأ من شخصيته فكان دائم الابتسامة لكسر الجمود الذي يعرف عن العسكرية، ومثل طارق كمثل جميع أبناء القسام الميامين المجاهدين في الرباط على ثغور الوطني الحبيب لصد كل من يريد ببلدنا سوءًا ومكرا.
موعده مع الشهادة
في السابع والعشرين من شهر أغسطس كان لا بد لفارس مجاهد عملاق مثل طارق أن يترجل لأنه هو من طاق إلى حواري الخلود والى مصاحبة الرسول فقضى نحبه وهو على رأس عمله في مهمة شرطية بمدينة خانيونس.
كرامات الشهيد طارق
كان لشاب أمضى زهرة شبابه في حقل الدعوة والجهاد في حياته أن يكون صاحب الوجه المشرق في مماته حيث كان وجهه كفلقة القمر وأصبع السبابة مرفوع معلنا كلمة التوحيد التي عاش عليه والابتسامة مرسومة على وجهه والرائحة العطرة تفوح من جسده.
آخر أيام حياته
يقول أحد رفاق الشهيد طارق في ليلة الرباط على الحدود الشرقية في اليوم الذي سبق استشهاده أن طارق قال: "على أي جنب سألقى ربي وما هي الطريقة؟!! في انهيار نفق، أم بصاروخ زنانة، أم انفجار مدفع أم ماذا؟؟؟.
