موضوع: الشهيد القسامي المجاهد محمد عبد الله حمد الثلاثاء أكتوبر 09, 2012 7:47 pm
عمل بصمت حتى نال الشهادة
محمد عبد الله حمد
مجاهد قسامي
2012-09-30
الشهيد القسامي المجاهد محمد عبد الله حمد
عمل بصمت حتى نوله الله الشهادة
القسام ـ خاص :
عندما يرحل الشهداء نجد الابتسامة دوماً على شفاههم ، فهم العاشقون لتراب الوطن ، وهم المدافعون عنه بروح إسلامية عظيمة ، فيكونون في أوطانهم كالغرباء ، لكن تفخر الأوطان بهم وبتضحياتهم ، فالكل يمضي على الطريق بمشوار طويل فمن يصدق الله يصدقه الله ، ويصطفيه فتنتهي حياته بشهادة عظيمة ، ونعم الكرم كرامة الشهداء .
ولأنهم من عملوا بصمت وخفاء ، ووتحروا التخفي في كل أعمالهم ، وحرصوا على الإخلاص والبعد عن الرياء أو السمعة ، فكان لهم ما أرادوا ، فشهيدنا القسامي المجاهد محمد عبد الله حمد ممن أكرمهم الله بالعمل في صفوف القسام ، ومنذ عملهم لم يعلم أهل بيته بجهاده إلا قبيل استشهاده ، فكان بحق ممن صدقوا الله فصدقهم الله .
ميلاده وتعليمه
من وسط مخيمات اللاجئين التي تشبعت بالتضحيات ، وبالتحديد بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة كانت عائلة الحاج عبد الله عبد اللطيف حمد على موعد مع ميلاد ابنهم الخامس محمد ، بتاريخ 2-4-1990م
عاشت عائلة الحاج عبد الله حمد كغيرها من العائلات الفلسطينية بمخيمات اللجوء والشتات في الوطن الفلسطيني السليب ، وغرسوا منذ اللحظات الأولى لميلاد أبنائهم حبهم لوطنهم الفلسطيني السليب ، فكانت القدس بوصلة بعيونهم ، وبلدتهم المحتلة عام 1948م محطة الوصول الذي غرسوها بقلوبهم على أمل قريب بالوعدة الحتمية لها .
تلقى حبيبنا أبا صلاح تعليمه الابتدائي والاعدادي في مدارس الأونروا بمخيم النصيرات ، وأنهى تعليمه الثانوي من مدرسة خالد بن الوليد الثانوية بالمخيم ، والتحق بالجامعة الاسلامية بكلية الشريعة والقانون ، غير أن الله كتب له شهادة الآخرة كخير وسام شرف في الدنيا والآخرة قبل تخرجه بفصل واحد .
تحمل المسئولية صغيرا
كان رحمه الله بمثابة سندا لوالده في كل أموره ، وهو القائم بأعمال البيت ، وكل ما تحتاجه الأسرة ، نظرا لكبر والده في السن ، وسفر إخوته الأكبر منه لتلقي تعليمهم بالخارج ، فعاش أبا صلاح الفقر صغيرا ، وترعرع منذ طفولته على حياة الزهد والورع كما كان حبيبه صلى الله عليه وسلم ، فوالده من العمال الذي كانوا يعملون داخل أراضينا المحتلة ، وتوقفوا عن العمل بعد انتفاضة الأقصى الثانية ، ولكبر سنه لم يعد يقوى على العمل .
وعلى الرغم من الحياة الصعبة التي عاشها شهيدنا محمد إلا أن بسمته لم تكن لتفارق محياه ، كيف لا وهو من حفظ ووعي وطبق حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم " الابتسامة في وجه أخيك المسلم صدقة " ، وبحسب ذويه كان محمد على صغر سنه صاحب واجب ، واصلا لرحمه ، كثير الزيارات لشقيقاته ، صاحب علاقة طيبة مع جيرانه ، طيب الأخلاق ، حسن السمعة ، قليل الكلام ، صاحب صمت وهدوء تام ، حيث كان له من اسمه كثير من صفات حبيبه صلى الله عليه وسلم .
المبادر الملتزم
حرص الحاج عبد الله على تربية أبنائه منذ الصغر على حب بيوت الله عز وجل ، وكان له ما أراد ، فقد ترعرع أبا صلاح منذ صغره بمسجد الشهيد سيد قطب ، وبعد بناء مسجد الشهيد صلاح شحادة انتقل ليكون أحد الأعمدة الرئيسية للعمل الدعوي به ، وكان ضمن أسرة المسجد ، مبادرا للعمل الدعوي به .
وبعد بناء مسجد التقوى القريب جدا من منزل شهيدنا انتقل للعمل الدعوي به ، فكان المبادر لتشكيل حلقة تحفيظ للقرآن الكريم بالمسجد ، فكان حافظا لأجزاء من القرآن ، محفظا لكتاب ربه ، مجتهدا في تدريس دورات أحكام التجويد لجميع من أحب العلم ، فهو كالنسمة الطيبة أنما تهب تترك أثرا ولو بالابتسامة .
الحمساوي الصغير
التحق أبا صلاح بصفوف الكتلة الإسلامية الإطار الطلابي لحكة المقاومة الإسلامية حماس خلال تعليمه الإعدادي ، وواصل العمل بصفوف الكتلة إلى أن اصطفاه الله شهيدا ، وكان من أبرز الناشطين في جهاز العمل الجماهيري في مسجد الشهيد صلاح شحادة ومسجد التقوى .
ولتربية أبا صلاح التربية الإسلامية الصحيحة ، التحق بركب جماعة الإخوان المسلمين خلال تعليمه الثانوي ، ونهل من علوم هذه الجماعة الخير الوفير ، وكان متعلما ومعلما ، شاكر لنعمة الله عليه أن وفق له من يعلمه أمور دينه ، فحمل أمانة تعليم دين الله للناس ، وذلك من خلال الجلسات التربوية التي كلف بعدد منها ، وكان نعم المسلم المطيع في جميع أمور الخير .
من رواحل القسام
لعل شهيدنا القسامي محمد لم يكن له شرف السبق بالالتحاق في كتائب القسام نظرا لصغر سنه ، ولعله لم يتمتع بطول المدة بالجهاد في سبيل الله ضمن المجاهدين ، لكننا نحسبه والله حسيبه أنه ممن أحسن الجهاد خلال هذه المدة القصيرة ، فكان مثالا للطاعة والإلتزام ، مبادرا للجهاد والرباط والإعداد ، حريصا على عدم التأخر عن أي مهمة تطلب منها ، كيف لا وهو من علم أن العمر يمضي ، والأيام تجري ، فحرص على اغتنام ما كتب له من حياة في هذه الدنيا .
شهيدنا أبا صلاح كتم خبر انضمامه للقسام عن الجميع ، ولم يعلم به إلا أمه بعد فترة نظرا لاتساخ ملابسه وامتلائها بالطين خلال حفره للأنفاق ، وقبيل استشهاده علم والده بجهاده فشجعه وأخذ بيده نحو الأجر والفلاح .
نال رحمه الله خلال هذه الفترة الوجيزة شرف الإعداد والتجهيز لأعداء الله ، فكان متفانيا في العمل ، ومحبا لحفر الأنفاق التي تجهز لأعداء الله ، كثير الخروج للرباط في سبيل الله ، ملتزما بالدورات العسكرية التي كلف بحضورها ، مواظبا على المواعيد ، ومحترما لإخوانه المجاهدين ، ومصرا على الله أن ينوله الشهادة .
نِعم الشهداء أبا صلاح
استيقظ أهالي مخيم النصيرات وسط القطاع فجر يوم الأحد 30-9-2012 على أصوات مكبرات الصوت التي صدحت بالمساجد بنعيها للشهيد القسامي المجاهد محمد عبد الله عبد اللطيف حمد ، كأحد مجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام ، وكبطل من أبطال فلسطين ، وفارس همام من فرسان هذا الدين ، ارتقى إلى ربه خلال مهمة جهادية إعداد وتجهيزا لأعداء الله اليهود ، فكان له ما أراد " سأل الله الشهادة بصدق فنوله الله إياها بعد حسن عمل قضاها في طاعة ربه " .
رحم الله شهيدنا .. عمل لآخرته .. واجتهد في طاعة ربه .. ولم يتوانى عن الجهاد في سبيله .. فنوله الله ما تمنى ، وجمعه بحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم .