و بشهادة أبي يحيى ، ستعود أمتنا و تحيا !
بسم الله الرحمن الرحيم
" وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ
خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ
وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ "
لا شكّ أن مثل هذه الأنباء تقع على قلوبنا كسقوط صخرة من رأس جبل فترتطم في الأرض فتصدعها ولا شكّ أن دموعنا تأبى بأن تُحبس في مثل هذه المواقف ، كيف لا و قد تربّينا على أيديهم و نهلنا من فيض علومهم و غزير أدبهم و أخلاقهم ؟ ، كيف لا و هُم الأشواك العصية التي حُشِرَت في حلوق الكافرين و أعوانهم المنافقين على مدى أزمان ؟ كيف لا و هُم شامة عز في وجه هذا الزمان ؟ ، جيّشوا للأمة خير الجند ليكونوا سياجاً مكهرباً يصعق كلّ غادر يريد بهذه الأمّة شرا !
إنَّهم قادة المجاهدين
لطالما أعطوا الأمّة دروساً في الرجولة الإباء ، و لطالما بيّنوا للناس كيف يكون العلم للعمل و كيف يُترجَم الإخلاص أصح ترجمة بسكب الدماء على طريق الجهاد
نبكي و حُقَّ لنا أن نبكي لا لمقتلهم بل حزناً على فراقهم ، و لا أظنّ بأنّ عاقلاً يدّعي إطلاعاً على أمراً يظن و لو لمجرد الظن أننا نُصرَع لمثل تلك الأنباء ، بل إنّها الكرامة والله ، و إنّها الباعث على الثبات و الإقدام حتى نسلم الروح إلى بارئها و هو راض عنها ، يثبتون للقاصي و الداني بأنّهم أهل صدق ، و يلجمون كل ناعق ، و يبتسمون ابتسامة وداع لأحبابهم مع آخر ساعات لهم في هذه الدنيا الدنية !
و ما كان لقلوبنا أن تسعد بغير هذه الخواتيم لقادتنا الميامين !
فبالله عليكم ، كيف لرجل كشيخنا أسامة أن يموت في فراشه ؟
و كذا شيخنا الزرقاوي ؟ و قادة الجهاد في الجبهات دونما عدد !
و كــذا أســـد الجهــــاد الليـــــبي
حبيـــــب القلـــــــوب ، العـالــــم العـامـــل الـــدؤوب
" أبــو يحيـــــى الليبــــــي "
و الله ما كان لي بأن أتمنى لك غير تلك الخاتمة يا شيخنا الحبيب ، كيف لا و أنت الذي تحدّثنا في كلّ ظهور لك عن الشهادة و فضائلها ، كيف لا و أنت الذي تحرّضنا في كلّ مرة على الجهاد و على الصدق ..
كيف لا و أنت مَن قلت ذات مرّة :
إنَّها منزلةُ الشهادةِ ،
وسامُ عزٍ ،
و لقَبُ فَخْرٍ ،
و حَياةُ رَغَدٍ ،
و بُشرى مِنَ الله .
و قلت أيضاً :
" إنَّها شَهادةٌ لا تُنَالُ في قَاعَاتِ الجَامِعاتِ ، ولا على كَرَاسيِّ المَدارِس ، و إنَّما تُطلَبُ
في ساحاتِ النِّزالِ و مَعَامِعِ القِتالِ وعِندَ مُجالَدَةِ الرِّجالِ و مُصَاوَلِةِ الأبطالِ ، و تحتَ
ظِلالِ السُّيوفِ وتَقَابُلِ الزُّحُوفِ "
هنيئاً لك الشهادة يا شيخنا و هنيئاً لك وسام العز الذي لطالما كنت ترنو إليه ، هنيئاً لكلّ ألقاب الفخر بك ، فحُقّ للفخر بأن يفخر بك والله يا حبيب ، هنيئاً لك حياة الرغد بعد هذا المشوار الطويل الذي خضته بنفس طويل و عزم يحدوه اليقين ، هنيئاً لك تلك البشرى التي لطالما جاهدت لتحوزها ، فحزتها بفضل رب العالمين الذي لا يضيع أجر المحسنين !
حقاً يا شيخنا إنّ تلك المنزلة لا ينالها إلا بطل !
فلا تُنال في قاعات الجامعات فعلاً .. بل عند مجالدة الرجال و مصاولة الأبطال و تحت ظلال السيوف و تقابل الزخوف !
نحسب أنّك يا شيخنا ما نقضت عهداً و ما خلفت وعداً و نشهد أنّك أديت الأمانة و أكملت المسير و حفظت الراية فلله درّك و على الله أجرك
سنبكي يا شيخنا ، سنبكي لفراقك ، سنبكي شوقاً للحاق بك ، سنبكي حرقة ، و لن نبخسك حقك في الدعاء لك ما حيينا بإذن الله ..
و اعلم يا شيخنا أنّك خلّفت خلفك تلاميذ لك سيحفظون الأمانة و سيؤدونها و سيصونون العهد و لن تسقط الراية بإذن الواحد الأحد ..
و سنبقى ماضون بعون الله ، و لأعداء الله نقول ، ارتقبوا ما يسوء وجوهكم